للتاريخ أثران متناقضان. بل لنقل إن التاريخ تاريخان: التاريخ العبء، والتاريخ الحافز. فثمة تاريخ يثقل كاهل صاحبه – فردًا كان أو أمة- ويشل حيويته، ويضعف همته، ويجعل إنتاجه هزيلًا سقيمًا. وثمة تاريخ آخر يحفز وينشط ويبعث، ويدفع إلى الإبداع والتقدم…
إن أثر التاريخ ينتج عنه بالذات، وعن الموقف المتخذ منه…
يكون تاريخنا عبئًا علينا إذا سحرنا وقبض على نفوسنا وشدنا إلى أجوائه وعالمه وحصرنا ضمن حدوده. فمن الناس من يعيشون في ماضيهم الخاص … وكأنهم أسرى ذلك الماضي لا يستطيعون الانفلات منه أو الانصراف عنه إلى الاهتمام الجاد بمشكلات الحاضر. وكذلك نجد الأمم تنجذب في بعض أدوار حياتها إلى ماضيها، فتبقى متلفتة إلى الوراء، قانعة بهذا التلفت، عاجزة عن أن تولي وجهها شطر الميادين المتفتحة أمامها والسبل التي ترتسم في أدوار حياتها المقبلة.
قسطنطين زريق. (1985). نحن والتاريخ. بيروت: دار العلم للملايين.
Comments (2)
الحلقة التي يفقدها الانسان أحيانًا في سلسلة الحياة عند خوضه في التاريخ هي “ربط ” الماضي بالحاضر ثم بالمستقبل ،فصله للتاريخ كماضي عن التاريخ كسلسلة مترابطة بالكامل يجعله يجزء تلك السلسلة إلى قطع متراكمة غير مترابطة ،فيتعامل مع الماضي على أنه نتج كماضي ولم يكن حاضرًا أو مستقبلًا من قبل.
أشكرك ريماز على هذه الإضافة الجميلة والواعية.
دمت بخير.