Tag / الكتابة_الأكاديمية

قراءت

كتاب How to Write a Lot

أشرت في تدوينة سابقة نشرتها في تاريخ 7 سبتمبر 2020 وعنوانها إستراتيجيات مقترحة للكتابة إلى كتاب كيف تكتب الكثير How to Write a Lot، ووصلتني اقتراحات بتقديم عرض لهذا الكتاب.

والكتاب المشار إليه هو للمؤلف الدكتور باول سيلفيا Paul J. Silvia أستاذ علم النفس في جامعة نورث كارولينا، وطبع الكتاب للمرة الأولى في عام 2005، ثم طبع مجددًا مع بعض الإضافات عام 2019، وهي الطبعة التي بين يديّ الآن.

يقدم الكتاب طرحًا مختلفًا عن كتب مناهج البحث العلمي، فبينما تركز الأخيرة على خطوات البحث العلمي، يقدم كتاب  How to Write a Lotدليلًا عمليًا على أساليب الكتابة الأكاديمية المنتجة، مع ملاحظة أن مفهوم الكتابة لدى المؤلف أوسع من مجرد طباعة الكلمات.

يستعرض الكتاب العديد من الأمثلة الواقعية لما قد يواجهه الباحثون من صعوبات خلال الكتابة.

ويتميز الكتاب بصغر حجمه، وسهولة قراءته، مع فائدة كبيرة يخرج بها القارئ.

يفرق المؤلف بين البحث والكتابة، ففي حين يعد البحث أمرًا ممتعًا لا يخلو من المغامرة، يرى المؤلف أن الكتابة أمر مختلف، فهي عمل صعب، ومعقد، فمناقشة الأفكار في الذهن أسهل من تحويلها إلى أفكار مكتوبة، ومترابطة، ويعلق قائلًا:

حين نتحدث عن أفكارنا فإننا نبدو متحمسين، ومستمتعين وأكثر حيوية، ولكن حين نحاول الكتابة، يتغير الأمر…

يؤكد أن الكتابة الأكاديمية تظل مهارة قابلة للتطوير، وليست موهبة فطرية يولد بها الإنسان، فلذلك يركز على مساعدة الباحث لبناء عادات إيجابية تمكنه من الكتابة.

يقدم أمثلة على الأسباب التي تحول بين الباحث والكتابة، فأولها في نظره اعتقاد الباحث أنه لا يجد الوقت الكافي للكتابة، ويرى أن تجاوز هذه المشكلة ممكن بحل بسيط، وهو: أن يعمل الباحث على إيجاد هذا الوقت، من خلال تحديد وقت ثابت ومنتظم للكتابة، ومن ثمّ الالتزام به، وهو مفتاح الكتابة المنتجة في نظره.

ويذكر كذلك أن بعض الباحثين يعتقد أنه بحاجة إلى شيء من الإلهام قبل أن يبدأ الكتابة، ويعلق على هذا بالقول بأن الإلهام مهم، إلا أنه لن يحدث فجأة، وأن الباحث بحاجة للبدء لتتولد لديه الأفكار الملهمة، ويرى أن الصديق الأفضل للباحث هو الانتظام في الكتابة، وليس انتظار الإلهام.

ومن الحجج التي تحول بين الباحث والكتابة اعتقاده بأنه يجب عليه أن ينهي كل الأعمال ثم يتفرغ للكتابة، وهذا في نظره أمر غير ممكن، نظرا لطبيعة الحياة الأكاديمية التي تتطلب إنجاز العديد من الأعمال في وقت واحد، فكلما فرغ من مهمة، سيجد أمامه مهمة أخرى، فلذلك ينصح الباحث بتصميم جدوله الأسبوعي ليتضمن وقتًا مخصصًا للكتابة، مثلما يتمكن من تخصيص وقت للمهام الأخرى.

كما يقدم أمثلة على الأساليب التي تعين الباحث للمضي في الكتابة، ومنها: اختيار الوقت المناسب للكتابة، والدفاع عنه، وعدم السماح لأحد بأن يستقطعه أو يضيعه منه. كما يؤكد على نقطة مهمة، وهي تتعلق بعدم الانقطاع عن البحث قبل إنهائه، حتى يبقى الموضوع حيًّا في ذهنه، فالانقطاع لا يضيع الوقت والملفات، بل يضيع الأفكار كذلك.

ومن النصائح المهمة التي قدمها، أن يضع الباحث أهداف محددة ومركزة، وأولويات ويعمل على تحقيقها.

ويوضح الكتاب نقطة مهمة لكل باحث، وهي ضرورة أن يتحلى بالصبر، فتطور الكتابة يحتاج فترة من النضج الذي لا يتحقق إلا من خلال الممارسة، ويطمئن الباحث بأن المشاعر المتنوعة التي يشعر بها خلال الكتابة، من يأس، أو إحباط، هي مشاعر طبيعية، لا بد أن يعمل على تجاوزها من خلال الاستمرار، فالكتابة، حسب وصفه، تكون في بعض الأيام ممتعة، وأحيانًا محبطة وشاقة، وأحيانا يكتب الباحث بحماس، ويقطع شوطًا كبيرًا، وفي بعض المرات يصعب عليه أن يكتب جملة، ولكن الأهم ألا يتوقف.

كما ضم الكتاب فصولًا، تتضمن نصائح لتهيئة البحث للنشر في المجلات العلمية، وإرشادات لكتابة المقترحات البحثية بشكل احترافي.

وأخيرًا، فالكتاب مفيد، وخفيف الظل، ويترك القارئ في حالة من الأمل، والتشوق للكتابة والإنجاز.