Tag / قراءات

قراءت

قراءة لكتاب مفهوم التاريخ لعبدالله العروي

أستعرض معكم اليوم كتاب #مفهوم_التاريخ للدكتور عبدالله العروي، والكتاب يهم الباحثين في التاريخ ومناهجه، والرؤية الحديثة لمصادر التاريخ، وتفسيره. والنسخة التي ستستعرضها التدوينة اليوم هي النسخة الصادرة تحت عنوان: الأعمال الكاملة، مفاهيم، مفهوم التاريخ، ونشرت في عام 2017 عن المركز الثقافي للكتاب بالدار البيضاء، في المملكة المغربية في 512 صفحة.

يتناول المؤلف التاريخ من زاوية كونه علمًا وصناعة، وليس التاريخ كمجموع حوادث الماضي، ويؤكد أن هدفه من الكتاب هو:

“وصف ما يجري في ذهن رجل يتكلم عن وقائع ماضية، من منظور خاص به، تحدده حرفته داخل مجتمعه”.

يهدف الكتاب إلى إيصال رسالة، وهي أن التاريخ لا يهم المؤرخ وحده، وإنما يهم المجتمع ككل

قسم الكتاب إلى جزءين، إضافة إلى جزء خاص بالمراجع والفهارس. احتوى الجزء الأول، وعنوانه الألفاظ والمذاهب على مدخل، وأربعة أقسام، هي: تساؤلات تمهيدية ناقش فيها تصوره للتاريخ، والمؤرخ، ثم انتقل إلى القسم الثاني وعنونه بـ: مفاهيم، استعرض فيها المقصود بالحدث، والشواهد، والنقد. أما القسم الثالث، تاريخيات، فخلال عشرة فصول استعرض المناهج والمقاربات العديدة لدراسة التاريخ، ثم ناقش في القسم الرابع المنهج الإسلامي في دراسة التاريخ، وناقش كذلك الاستشراق وانعكاسه على دراسة التاريخ الإسلامي.

في الجزء الثاني وعنوانه المفاهيم والأصول، يناقش منطق المؤرخ في خمسة فصول، ومنطق التاريخ في أربعة فصول، يؤكد خلالها على دور المؤرخ في مجتمعه، ويقدم خلاصة مفادها:

“أن التاريخ موحد نظريا، ونظريا فقط، يقول به ويعمل في ضوئه مؤرخ يعيش في مجتمع معين. التاريخ المشتت يتوحد في مفهوم، لكن المفهوم الواحد لا يلعب الدور نفسه في كل المجتمعات”.

ويؤكد على أن المؤرخ والتاريخ يؤديان دورًا مختلفًا في كل مجتمع، وذلك بناء على التفاوت القائم بين المجتمعات.

يختم المؤلف كتابه مؤكدًا ما ذكره في البداية، وهي أهمية التاريخ في المجتمع، فهو منبع التجديد إذا عمّ الجمود، وهو ضابط المحافظة إذا عمّ التغيير، ويرى أن التاريخ يواجه الخطر، وشرح ذلك قائلًا:

“… إنه دائمًا في خطر، خطر الذوبان في التقليد فيصبح محفوظًا غير مفهوم، وخطر الذوبان في حاضر يتطلع باستمرار إلى مستقبل متجدد”.

يفتح الكتاب العديد من النوافذ لمناقشة قضايا محورية في علم التاريخ، ودور المؤرخ، ومنهج قراءة التاريخ، وكتابته، وتقديمه والاستفادة منه في فهم الحاضر، واستشراف المستقبل. ويعطي الكتاب فرصة للباحث في التاريخ أن يراجع ذاته، ويراجع منهجه، ويطرح أمامه تساؤلات مهمة عليه التفكير فيها قبل الشروع في البحث.

ويتميز الكتاب كذلك بالكم الكبير من المراجع العربية والأجنبية التي ناقشها المؤلف لتأكيد نظريته، وهي ذات فائدة كبيرة إذ أنها تحث القارئ على الرجوع إليها، للاطلاع والاستزادة، خاصة أنها كتبت باللغة العربية في جميع الاستشهادات، ووضعت بلغاتها الأصلية في قائمة المراجع.

الكتاب يضم مادة غزيرة وثرية، ولكن القارئ، في نظري، يواجه تحديًا يكمن في الأسلوب الصعب، والعبارات المعقدة إلى درجة تتطلب القراءة المتأنية، والتفكير مليًا خلال الانتقال بين صفحات الكتاب.

وباختصار

ينادي الكتاب بتجديد النظرة إلى التاريخ، وإزالة التداخل بين مفهوم التاريخ كحدث ماضٍ، ومفهوم التاريخ كعلم أصيل، له مناهج وقواعد ضابطة، يلتزم بها المؤرخ بشكل صارم.

غير مصنف

الافتتاحية

أهلا بكم في مدونتي. 

أشارككم من خلالها بعض المعارف والخبرات التي تراكمت عبر سنوات من الدراسة، والعمل، والبحث. ولا أدّعي أنها التجربة المثالية، ولكني استفدت وتعلمت منها الكثير، ومع مرور الوقت أدركت أن المعارف والخبرات لا قيمة لها إن لم نشاركها بحب وعطاء مع الآخرين. 

نبع قراري بالتدوين من الحوار المتكرر مع طالباتي في المستوى الثامن في قسم التاريخ، في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، خريجات دفعة 1440/1441هـ، حول أمور عديدة تتعلق بمهارات الدراسة، والعمل، وغيرها من الموضوعات، وكان الحوار شيقًا وثريًا مع طالبات متميزات وشغوفات بالمعرفة، واقترحن علي استخدام قنوات تواصل بفعالية أكثر تتيح مجالًا أوسع للنقاش، ولضيق وقتي ترددت، ومع تكرارهن الاقتراح في مرات تالية وعدتهن بالتفكير في الموضوع، وبالمقارنة بين وسائل التواصل التي تتيح مشاركة الأفكار والتفاعل معها، وجدت أن التدوين في فضاء شخصي حر هو الأقرب إلى نفسي. فلطالباتي هؤلاء أوجه  شكري وامتناني، لثقتهن، واهتمامهن بما قدمته. 

أما الفئة المستهدفة من مدونتي، فوفقًا لمجال عملي، فإني أتفاعل بشكل يومي، سواء في العالم الواقعي أو الافتراضي، مع الطالبات والباحثات وزميلات العمل، ومكونات البيئة الأكاديمية البشرية والمادية والعلمية بشكل عام، فلذلك فإن جانبًا كبيرًا من تدويناتي ستكون موجهة لهؤلاء ومن في حكمهم، وقد يجد زوار المدونة من خارج البيئة الأكاديمية ما يفيدهم. 

وفيما يتعلق بمنهجي في التدوين، فقد قطعت على نفسي عهدًا بألا أكتب إلا عن تجربة مررت بها، أو مهارة طبقتها بالفعل، واستفدت منها، أو عن كتب ودراسات قرأتها ووجدت منها فائدة.  وسأعمل على إثراء التدوينات بالمصادر قدر الإمكان ليرجع إليها من يرغب الاستزادة. وسأحرص على التدوين بشكل دوري حسب ما يتيحه لي وقتي.

قسمت مدونتي إلى أقسام عدة، قسم يعرف بي، وبأبرز دراساتي وأنشطتي، ووضعته تحت عنوان “ملفي الشخصي”.  وقسم يعنى بالتاريخ، من زاوية “مهارات” التعامل مع التاريخ، وفهمه، ودراسته، والبحث فيه. وعنوانه “مهارات”، وسأضيف كذلك في هذا القسم كل ما يتعلق بمهارات التفاعل مع البيئة الأكاديمية بشكل عام. وبما أننا الآن نستقبل العطلة الصيفية، فسيتأجل التدوين فيه حتى بداية العام الدراسي لتتحقق الفائدة ما أمكن. وفي “قراءات” سيجد زوار مدونتي عرضا موجزا، وملخصات لكتب ودراسات أحسبها مفيدة.  وأضع اقتباسات ممّا أقرأ في قسم “اقتباسات”. وفي “مقالات” سأدون في موضوعات متنوعة. وفي قسم “روابط مفيدة” سأضع مجموعة من روابط المواقع والتطبيقات الالكترونية التي تساعد في مجال الدراسة والبحث في مجال التاريخ، مع شرح مبسط عنها. ومن خلال قسم التواصل، أسعد بكل من لديه تعليق أو استفسار.

وفي الختام، آمل أن تكون مدونتي ذات نفع وفائدة لكل من يمر بها.