اتسعت صناعة النشر الأكاديمي، وتطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مدفوعة بالتأثير المتنامي للاقتصاد المعرفي. وفي ظل هذا؛ أصبحت الأبحاث والمقالات العلمية المنشورة في المجلات الأكاديمية المحكّمة منتجات علمية مهمة في هذه المنظومة. ولتعزيز الاستفادة منها وتوظيفها؛ فقد ابتكرت أدوات تقنية تعمل على إتاحتها، وتسهيل الوصول إليها، والاقتباس منها، ومن ثم قياس تأثيرها.
ومن الأدوات التي ابتكرت لمساعدة المجلات الأكاديمية، والوصول بها إلى أكبر عدد من المستفيدين؛ انضمام المجلات إلى قاعدة من قواعد البيانات، التي تضم مجموعة من المجلات التي يجمع بينها رابط التخصص، أو نوعية النشر، أو نطاق النشر من حيث المحلية أو العالمية، أو ما يعرف بـ “الفهرسة في قواعد البيانات”.
تعد فهرسة المجلات في قواعد البيانات أمرًا ضروريًا للنشر الأكاديمي، فانضمام المجلة إلى قواعد البيانات المناسبة، يعد مؤشرًا على جودة المجلة، ويؤدي إلى تحسين مكانتها العلمية، ويسهل وصول الباحثين إليها، مما يوفر إمكانية تأثير أكبر للمجلات والباحثين الذين ينشرون فيها، فضلًا عن تأثيره الإيجابي على سمعة المؤسسة العلمية التي تصدرها.
وممّا يؤكد أهميتها، أن فرص الوصول، والاقتباس، والإشارة إلى الأبحاث والمقالات المنشورة تزداد مع فهرسة المجلات في قواعد البيانات. وأصبح من المسلّم به أن النشر في المجلات المفهرسة يقدم ميزات كبيرة للباحثين، فلم تعد الجامعات، أو الجهات المانحة تعترف بأي نتاج علمي ينشر في مجلات غير مفهرسة.
ومن أشهر قواعد البيانات العالمية شبكة العلوم Web of Science وسكوبس Scopus، ومن قواعد البيانات العربية تذكر قاعدة بيانات دار المنظومة، وما تضمه تحت مظلتها من قواعد فرعية، منها قاعدة المعلومات التربوية، وقاعدة معلومات العلوم الإنسانية وغيرها.
ومن قواعد البيانات الحديثة والمميزة في فكرتها، قواعد البيانات الوطنية، فعلى مستوى الوطن العربي ظهرت نماذج ثلاثة حسب علمي:
قاعدة بيانات المجلات الأكاديمية العراقية www.iasj.net وتشرف عليها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في العراق.
منصة المجلات العلمية الجزائرية www.asjp.cerist.dz ويشرف عليها مركز البحث في الإعلام العلمي والتقني في الجزائر.
منصة المجلات الأكاديمية الصادرة عن الجامعات المصرية، journals.ekb.eg ، وهي جزء من مشروع علمي متميز هو بنك المعرفة المصري، والمشروع تحت إشراف مجلس التعليم والبحث العلمي المصري.
ومن الملاحظ على قواعد البيانات السابقة، أنها عبارة عن مشاريع وطنية تشرف عليها جهات حكومية عليا في تلك الدول، وتجمع في أرففها الافتراضية المجلات الأكاديمية الصادرة عن جامعاتها، ومؤسساتها العلمية، وتهدف بذلك إلى تعزيز المكانة العلمية للمجلات، وللباحثين المنتمين إليها، وتعمل على جذب الباحثين من الدول الأخرى للنشر فيها، أو الانضمام إلى هيئات التحرير. وتوفر هذه القواعد خدمات عديدة مثل: إتاحة الأبحاث والمقالات، والمعلومات الخاصة بالتحرير، والتحكيم، وإمكانية البحث، والاسترجاع، والحفظ، والتصدير، والاقتباس من تلك الأبحاث والمقالات. ومن المميزات الأخرى التي ينطوي عليها هذا النوع من قواعد البيانات أنها تيسر مستقبلًا دخول مجلاتها ضمن قواعد بيانات عالمية أكبر.
هذه الخطوة تجعلنا نتطلع نحو وزارة التعليم ممثلة في المكتبة الرقمية السعودية، التي تقدم الكثير من الخدمات الفعالة والمتنوعة للباحثين وأعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية، وتوفر بين أيديهم مستودعًا رقميًا كبيرًا يضم قواعد البيانات العربية والعالمية. وبناء على ما تملكه من خبرات وموارد، فهي الجهة التي يؤمّل أن تتبنّى تأسيس قاعدة بيانات خاصة للمجلات الأكاديمية الصادرة عن جامعاتنا، ومؤسساتنا العلمية السعودية، تنضوي تحت مظلتها المجلات الوطنية وفق معايير تضمن التميز، والمنافسة العلمية الإيجابية، مما سينعكس على تعزيز البحث العلمي، وفتح قنوات التواصل الفعال بين الباحثين، ونقل الإنتاج العلمي السعودي إلى آفاق علمية عالمية أرحب.