إلى الباحثين في مجال التاريخ
يتطلع العديد من الباحثين لتطوير مسيرتهم العلمية، وتعزيز مكانتهم في التخصص من خلال الإنتاج العلمي المتميز، والمستمر. ولكن البعض منهم، خاصة المبتدئين، قد تواجههم صعوبة، في التوصل إلى أفكار جديدة، ويشعر البعض أن الطريق مغلق. فيقف حائرًا ومتسائلًا: من أين تأتي الأفكار الجديدة؟
ومن وجهة نظري، فإن الإجابة عن هذا السؤال بسيطة، فالأفكار الجديدة تنبع من تخصص الباحث، واهتماماته العلمية، وإمكانياته، ومهاراته. والشعور بنضوب الأفكار مؤشر على الحاجة إلى مزيد من الجهد، والبحث لاستخراج الأفكار.
ومن الاستراتيجيات التي ستضمن للباحث في مجال التاريخ الخروج بأفكار جديدة:
القراءة العميقة، ومتابعة المستجدات، والاطلاع على الدراسات الحديثة في مجال التاريخ بشكل عام، والتخصص الدقيق بشكل خاص.
استكشاف مصادر التاريخ الجديدة، ومن المهم الانتباه إلى أن استكشاف المصادر الجديدة لا يعني الخروج من تخصص التاريخ إلى تخصص آخر.
الاطلاع على المناهج الجديدة في دراسة التاريخ، فالتاريخ ليس علمًا جامدًا، بل يتطور باستمرار.
بعد الانتهاء من هذه المرحلة، سيجد الباحث أن لديه فكرة جديدة، ولكنها قد تكون مشوشة. وهنا لا بد من تنقيتها، وصقلها، وحل التشابك فيما بينها وبين الأفكار الأخرى، حتى الوصول إلى فكرة منطقية سليمة مؤطّرة ضمن حدود زمانية ومكانية وموضوعية واضحة.
المرحلة التالية هي اختبار الفكرة، ومقارنتها بالدراسات السابقة، في مجالها، ومن المهم أن يطرح الباحث في ذهنه سؤالًا مهمًا، ما هو الجديد الذي ستضيفه هذه الفكرة. ثم القراءة أكثر حول الفكرة المحددة، والتأكد من وجود المصادر التي تغذيها، والتأكد من أن الفكرة تناسب إمكانيات ومؤهلات الباحث. وهنا يصبح لدى الباحث فكرة جديدة ونواة لدراسة علمية سيعمل عليها حتى ترى النور.
وفي مرحلة البحث عن الفكرة أوصي الباحث أن يبتعد عن بعض الممارسات التي تضر به، وبمسيرته العلمية، ومنها:
استنساخ الموضوعات التي سبق للباحث أو لغيره نشرها، وتقديمها على أنها أفكار جديدة، دون أن يكون هناك إضافة علمية أصيلة، ومكمن الخطأ في هذا التصرف أنه يتنافى مع أخلاقيات البحث العلمي، ويدل على سطحية الباحث وعدم تمكنه من مجال تخصصه.
طلب أفكار جاهزة، ممن هم أكثر خبرة، وهنا أيضًا لا بد من التفريق بين طلب الاستشارة والاسترشاد برأي أهل الخبرة، وبين طلب حلٍّ جاهز دون جهد. ومكمن الخطأ هنا أن التمرّس على توليد الأفكار الجديدة جزءٌ مهم من التكوين العلمي للباحث، وكل فكرة تنبع منه هي جزء من معارفه، وخبراته المتراكمة، والمنسجمة مع شخصيته وفكره.
Comments (5)
بارك الله فيك يا دكتوره
مقالة رائعة .. ابدعتي غاليتي… بورك في علمكِ وعملكِ .
العزيزة منال أشكرك لمرورك وكلماتك.
مقال جدآ رائع بارك الله فيك دكتورة مها ونفع بعلمك
شكرا لمرورك وكلماتك الطيبة.