مهارات

إستراتيجيات مقترحة للكتابة

يواجه بعض الباحثين صعوبة عند بدء كتابة البحث، فيقف أحدهم حائرًا ومتسائلًا من أين أبدأ؟ وكيف سأكتب الصفحة الأولى؟ وبلا شك فإن هذا الشعور شعور محبط، يؤثر معنويات الباحث، والمعلومة التي قد لا يعرفها الكثيرون أن هذا الشعور لا يقتصر على الباحث المبتدئ، بل هو شعور طبيعي يواجه بعض الباحثين المتمرسين كذلك، وإن كانت قدرتهم على تجاوز هذا الشعور أكبر لسبب بسيط، هو أنهم مع الممارسة الطويلة طوروا لأنفسهم إستراتيجيات خاصة تساعدهم على الكتابة.

وفيما يلي بعض الخطوات والاستراتيجيات التي من شأنها المساعدة على الكتابة المنتجة:

التريث قبل البدء بالكتابة:

يخلط بعض الباحثين خاصة المبتدئين بين مرحلة جمع المعلومات، وبين مرحلة الكتابة. ومن المهم أن يدرك الباحث أن الكتابة ليست المرحلة الأولى من البحث، وإنما هي المرحلة الأخيرة. ولا بد أن تسبقها مراحل مهمة، وهي: جمع البيانات، وتحليلها، ودراستها دراسة كافية؛ لأن هذه المراحل هي ما يعطي الباحث مخزونًا وافيًا يكتب منه، فالأفكار هي وقود الكتابة، والأفكار الجيدة تتشكل بالقراءة والتحليل.

البداية بالكتابة الحرّة:

فيبدأ الباحث بالكتابة، بالطريقة والأدوات التي يرتاح لها، فيكتب بانسيابية، تاركًا لنفسه العنان لتدوين أفكاره. ومن الضروري ألا يتوقف الباحث كثيرًا في هذه المرحلة لتصويب المفردات، أو تعديل الصياغة، وإنما يؤجل ذلك إلى مرحلة لاحقة. فالكتابة الحرة تساعد في تطوير أفكار الباحث، وتحثه على المزيد من التفكير، كما أن الفجوات التي ستظهر له أثناء الكتابة الحرة هي ما سيوجه جهوده، ويدفعه نحو الاستزادة، ثم العودة لإثراء الكتابة.

تقسيم وتصنيف ما كُتِب:

في المرحلة التالية من المهم أن يرجع الباحث إلى ما كتبه خلال المرحلة السابقة، ثم يراجعه، ويقسمه إلى وحدات، مصنفة حسب خطة بحثه. وبعد ذلك سيجد أن هناك أجزاء من السهل عليه أن يبدأ بها أولًا، فيبدأ دون تردد، وسيستكمل لاحقا الدمج، والربط، والتعديل وفق السياق.

الاستمرار وعدم التوقف:  

من المهم أن يستمر الباحث في الكتابة، ولا يتوقف، إذ تعد الكتابة اليومية المنتظمة مفتاحًا من مفاتيح الإنجاز، وإستراتيجية يتبعها الكثير من الباحثين المنتجين، ويذكر باول ج. سيلفيا في كتابه كيف تكتب الكثير أن الكتابة المنتظمة لمدة محددة لا تقل عن 20 دقيقة يوميًا تعد إستراتيجية أساسية للإنجاز البحثي. (راجع أيضًا تدوينة سابقة في مدونتي عن كتاب عمل عميق). ومع الكتابة المنتظمة المتواصلة، سيتكوّن لدى الباحث مسودة أساسية لبحثه.

تخصيص وقتٍ كافٍ للمراجعة والتعديل:

يجب أن يعطِ الباحث نفسه الفرصة الكافية لتعديل المسودة، وتنقيحها ومراجعتها وتحسينها، ومن الجيد أن تقسم مرحلة المراجعة إلى مراحل جزئية، وهي:

البدء بمراجعة بنية البحث ذاته، ومحتواه العلمي، وهي مرحلة مهمة جدا في البحث، وهي مرحلة تحتاج الكثير من التركيز والانتباه، فمن خلالها سيتمكن الباحث من كتابة نتائج البحث والخاتمة، كما سيجد في هذه المرحلة أن لديه العديد من الإضافات المهمة لمحتوى البحث.

ينتقل بعدها إلى التنسيق الشكلي، من استكمال المراجع، وضبط الهوامش، وتنسيق الرسوم، وعناوين الجداول، وتنسيق الصفحات والخط، وغيرها، ومن المهم أن يتقن الباحث المهارات التقنية اللازمة للقيام بهذه المهام، فهي مهارات أساسية للباحث المعاصر.

ثم المراجعة النهائية، للبحث ككل متكامل بكافة أقسامه، وكلما وجد الباحث فرصة للتعديل، فليبادر بالتعديل دون تردد ودون ملل، حتى يصل إلى درجة من الرضا عن عمله.   

هذه بعض الأفكار التي أردت مشاركتها معكم، ويبقى لكل باحث طريقته التي تتلاءم مع شخصيته، وظروفه، ومستوى خبرته.

Avatar

أكاديمية وباحثة، أعمل في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، الرياض، المملكة العربية السعودية

اكتب تعليق