تراكمت أحداث التاريخ خلال فترات زمنية متصلة، أنتجت كمًا كبيرًا من المعرفة التاريخية؛ ومع تطور علم التاريخ وتقنينه المنهجي، قُسِّمَ التاريخ إلى فترات وحقب متتالية؛ لتسهيل دراسته أمام المتخصصين وفق أطرٍ زمنية لها سمات مشتركة. ومن المعروف أن المتخصص في التاريخ يبدأ بدراسة خلاصة عامة للتاريخ، ثم يتخصص في فترة تاريخية محددة، وتدريجيًا يضيق نطاق التخصص ببؤرة اهتمام أكثر تركيزًا تتيح للباحث الكشف عن تفاصيل الفترة التي يدرسها.
ورغم أهمية التخصص، إلا أنه لا يعني أن ينعزل دارس التاريخ وراء جدران المقررات المحددة، أو التخصص الدقيق، فمن المهم أن يعزز الصلة العلمية والمهنية مع تخصص التاريخ بمنظوره الأوسع.
ومن الأساليب التي تعين في توسيع مجال المعرفة التاريخية: القراءة الحرّة وفق استراتيجية الزمن الطويل. ويقصد بالزمن الطويل، الفترات التاريخية التي تمتد عبر فترات زمنية طويلة لقرن أو أكثر، ويعرفه البعض بأنه زمن الحركة التاريخية على مدى طويل يمتد لعدة قرون.
القراءة الواعية للأحداث على مدى الزمن الطويل تساعد في توسيع الخبرة التي تنمّي مهاراتك وقدراتك
وينتج عن اتباع هذا الأسلوب والمواظبة على تطبيقه اكتساب دارس التاريخ لمهارات عديدة تنعكس على فهمه للتاريخ؛ ومنها: القدرة على التعامل مع السلسلة الزمنية الممتدة واستيعابها، والتمكن من تجاوز التتابع الضيق للأحداث، والارتقاء إلى مستوى أعلى يمكن من تتبع التطورات الأبرز التي أثرت في مسيرة الأحداث التاريخية، كما ينمي هذا الأسلوب فهم الظواهر التاريخية، ويظهر أوجه الاختلاف والتشابه بينها. ويعزز مهارات الربط، والمقارنة والترتيب، وهي مهارات لا يستغني عنها الباحث.